يعتبر الأطفال في عمر المدرسة هم الفئة الاجتماعية التي ينعكس من خلالها ازدهار المجتمعات أو تراجعها لو اخذنا بعين الاعتبار ان أفراد هذه الفئة يبنون ذواتهم وخصائصهم الشخصية وأفكارهم ومعتقداتهم بناء على ما يدور حولهم وما يحاول الكبار المحيطين بهم زراعته في تربتهم الخصبة المتعطشة للمعرفة من أفكار ومعتقدات.
في مرحلة متقدمة من الطفولة يحاول الطفل أن يستقل بفكره عن الآخرين في محاولة لإظهار و تدعيم هويته المستقلة، ويعتبر الطفل الفلسطيني حالة دراسية خاصة، حيث أنه عادة ما تنقصه فرصة بناء ذاته بعيداً عن حالة التوتر السياسي وآثاره الاجتماعية والنفسية على بنيته الشخصية وعلى طريقة تكيفه مع الواقع الصعب الذي يعيشه.
كثيرا ما يتعارك الأطفال في المدرسة أو تقع بينهم اعتداءات مختلفة، سواء كان ذلك عند الخروج من الصف أو في وقت الحضور الصباحي إلى المدرسة أو أثناء مغادرتها أو خلال فترة الاستراحة بين الحصص، الأمر الذي قد يؤدي أحيانا إلى نتائج مؤذيةللطلاب على العديد من الأصعدة النفسية والجسدية، وهذا بدوره يؤثر على إحداث خلل في عملية نمو الطالب في المجتمع ويساهم في خلق بعض الشخصيات التي تعاني من الاضطرابات النفسية أو الخاضعة والمنقادة وغير القادرة على اتخاذ مواقف وقرارات إيجابية بناءة لمواجهة مشاكلها المختلفة، وبالتالي لا تتمكن من القيام بدورها المجتمعي بشكل جيد من خلال انخراطها في المؤسسات المجتمعية المختلفة بدءاً من الأسرة كأهم مؤسسة مجتمعية، ويتبعها المعلم الذي تقع على كاهله مهمة تربية الأجيال عبر تطبيقه لمبادئ العملية التربوية واستكماله لعملية التنشئة الاجتماعية التي بدأت في الأسرة.
إن الحق في التعليم يعتبر من أهم الحقوق التي يجب أن توفَّر للطفل، حسب اتفاقية حقوق الطفل التي اعتمدت وعثرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 44/25 المؤرخ في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1989 وتاريخ بدء نفاذها 2 أيلول/سبتمبر 1990، وفقا للمادة 49، وينبغي حسب هذه الاتفاقية أن يكون التعليم موجهاً نحو تنمية شخصية الطفل ومواهبه وقدراته وتنمية احترام حقوق الطفل والحريات الأساسية وتنمية احترام القيم الثقافية الخاصة للطفل وكذلك القيم الثقافية للآخرين ( المادتان 28، 29 ) وينبغي ألا يتعرض أي طفل للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللإنسانية أو المهينة ( المادة 37 ).
وخلاصة القول أن ظاهرة العنف بين الطلبة في المدارس هي نتيجة لمجموعة من العوامل الداخلية والخارجية في حياة الطالب، ولفهم هذه المشكلة وكيفية التعامل معها يجب علينا أولاً التعرف على مجموعة من العناصر المكونة لها، إذ أن حياة الطالب في المدرسة قد سبقتها سنوات هي الأهم في تكوين شخصية الطفل والتي كان لها الأثر الأكبر على حياته وتصرفاته في داخل المدرسة بالأضافة إلى العوامل الخارجية المحيطة بها.
لم تعد ظاهرة العنف في المدارس مقتصرة على شكلها النمطي ( عنف من المعلم تجاه الطلاب) ولكنها امتدت وتبدلت ففي بعض الأحيان أصبحنا نرى صور العنف تتشكل باتجاهات مختلفة مثل عنف الطالب تجاه زميله وعنفه تجاه المعلم وعنفه تجاه ممتلكات المدرسة.
لقد عملت العديد من الدراسات لتحقيق مجموعة من الأهداف والتي تتلخص في محاولة فحص مدى قبول أو رفض بعض الفرضيات المتعلقة بمعرفة الأدوار التي تلعبها بعض العوامل في زيادة العنف بين الطلبة في المدارس تجاه بعضهم البعض أو حتى تجاه المعلمين والمدرسة مثل العامل الاقتصادي لأهل الطالب وتعرض الطالب أو أهله للمارسات القمعية من الاحتلال الاسرائيلي وكذلك أثر العنف الأسري الذي يتعرض له الطالب في البيت وأيضاً العنف الممارس من قبل المعلم والمدير تجاه الطالب على استخدامه للعنف في المدرسة، وذلك من أجل محاولة وضع حلول ومقترحات علمية مبنية على الدراسة والمنهج العلمي لمواجهة هذه الظاهرة استناداً إلى الدراسات السابقة وتوصيات المهتمين بهذا الموضوع.
ولكن ماذا نقصد بالعنف بشكل عام ، وكيف ينعكس تعريفنا لهذه الظاهرة على ما يتم ارتكابه داخل المدارس؟
إن العنف هو كل تصرف يؤدي إلى الإيذاء بالآخرين أو تخريب ممتلكات الذات أو ممتلكات الآخرين، وقد يكون الأذى جسدياً أو نفسياً ، فالسخرية والاستهزاء بالطالب وفرض الآراء عليه بالقوة واسماعه الكلمات البذيئة تعتبر أعمالاً عنيفة.
ويعرف العنف أيضاً بأنه كل استخدام غير شرعي للقوة أو للتهديد باستخدمها بهدف إلحاق الضرر بالغير، ويقترن العنف بالإكراه والتكليف والتقييد، وهو نقيض الرفق لأنه صورة من صور القوة المبذولة على نحو غير قانوني بهدف إخضاع طرف لإرادة طرف آخر.
هناك العديد من النظريات التي تفسر ظاهرة العنف، منها:
• التفسير النفسي الذي يعتبر الظاهرة مرتبطة بوجود شخصية غير سوية مسؤولة عن السلوكيات العنيفة ويرتبط هنا بعدم قدرة الطالب ان يسيطر على الغرائز العدوانية والدوافع الموجه ضد المجتمع والنابعة من الاضطرابات العاطفية أو المميزات الشخصية للفرد، ولذا فإن الطالب المضطرب عاطفياً يرى المعلم ساحة لظهور هذه الاضطرابات.
• العنف حسب التفسير الاجتماعي : هناك اعتبارات للبنية الاجتماعية المتشكلة من أفراد المجتمع وشكل العلاقات بينهم ، كما أنها تشمل المتغيرات الاجتماعية للفئة المعتدى عليها عند دراسة الظاهرة ومتغيرات مثل الجنس والجيل والوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي ، ومن هنا نستطيع القول أن التفسيرالاجتماعي للظاهرة يختلف عن التفسير النفسي بأنه لا يرى في العنف ظاهرة فردية وإنما ظاهرة لها جذورها الإجتماعية ، العرقية والطبقية التي لها مواقفها وآرائها وتوجهاتها بخصوص ظاهرة العنف.
أشكال العنف بين الطلاب في المدرسة :
1. العنف الجسدي : الضرب بأية وسيلة متاحة وخاصة الهجوم من قبل المجموعات.
2. العنف النفسي: التهديد والتجريح .
3. العنف الجنسي : استخدام الألفاظ والشتائم البذيئة واعتداء على حرمة الجسد من الطلبة الأكبر سناً للطلبة الأصغر سناً وخاصة في دورات المياه .
4. العنف اللفظي الكلامي : الشتائم واستخدام العبارات التحقيرية .
5. العنف المادي : تكسير ممتلكات المدرسة والأفراد.
أما السبب المباشر لممارسة العنف فهو الاستعداد الذاتي الذي يعبر عن شخصية تفتقد إلى البدائل المتعددة لمواجهة المواقف المختلفة ذلك أن ليس لكل الطلاب ردود فعل متشابهة نحو مواجهة مواقف الغضب وهذا يعود في الأساس لفروقات فردية في البيئة المدرسية، بالاضافة إلى أن هناك ارتباط بين هذا الاستعداد الذاتي الطالب وبين العوامل الأخرى التي تحفز ممارسة العنف ومنها:
التقليد لنموذج وهو المربي ( الأب، الأم، المعلم) وخاصة وأن المعلمين هم المثل الأعلى لكثير من الطلاب.
السلطة والسيطرة: كونه خاضع للتحكم والسيطرة من قبل أكثر من جهة ( والديه ومعلميه ) مما يثير غضبة كوسيلة للسيطرة على بيئته أو يحاول إثبات ذاته.
ومن المتفق عليه أن الطريقة التي يتعامل بها المعلم أو الأب مع الطالب في المواقف اليومية تؤثر على توافق شخصيته تأثيراً مباشراً، واتجاهات الطالب نحو المدرسة وسلوكه فيها يتحسن إذا وجد أن في البيئة المدرسية ما يساعده على حل المشكلات التي تضايقه ، ولكن إذا وجد الطالب في المدرسة مكاناً لتجاهله وعدم فهمه فمن المؤكد أن يزيد توتره وبالتالي يُصعد حالة الإحباط والقلق مما يدفع بالطالب نحو سلوك عنيف أو غير مرغوب به وهو على الأغلب سلوك عدواني تجاه الاخرين، لأنه" ليس بيتك حيث تعيش بل حيث يفهمونك".
عندما يصطدم نمو الطفل النفسي والاجتماعي بالمتغيرات المفاجئة التي تُرى وتترجم بأشكال عديدة منها عمليات الاغتيال والقصف باستخدام الصواريخ والدبابات أو إطلاق الرصاص ، تقف هذه الأشكال موقف التضاد من الحاجة إلى توفير مناخ نفسي سليم للطفل مشروطاً بالصحة النفسية أثناء النمو الفسيولوجي والنفسي.
إن غياب الصحة النفسية يعني بالضرورة غياب متطلبات النمو النفسي السليم لد ى الطفل مما يُدخل الطفل إلى مرحلة التخبط في النمو النفسي بمعنى أنه بدلا من أن يشعر بالأمان والحماية؛ والتي هي من الحاجات الملحة في التطور النفسي والاجتماعي للطفل التي أوضحها عالم النفس "ماسلو" ترتسم في ذهنه معالم الشعور بالتهديد والخوف المستمر من فقدان الحماية وهذا ما بدا واضحاً من خلال مراقبة مسلك الأطفال وتصرفاتهم التي نلمسها في البيت والمدرسة والحياة اليومية.
أكثر ما يلجأ اليه الأطفال للتخلص من العوامل المعيقة للنمو النفسي والاجتماعي هي ما يُعرف باسم (Defense Mechanism الدفاعات النفسية ) ولكن الخطورة في ذلك هو أن دفاعات الطفل الأولية لمقاومة هذا التهديد ليس لديها القدرة الكافية على استيعاب كل العوامل النفسية السلبية التي أفرزتهاأعمال العنف في الأراضي الفلسطينية، فمن المعروف سيكولوجياً أن أكثر الوسائل الدفاعية التي يلجأ اليها الطفل في هذه الأحداث هي النكران والمقاومة نظراً لعدم قدرته على تمييز الواقع وحدوده .
وتقوم أشكال القهر والقتل والعنف الاسرائيلي التي يصيب الكثير منها فئة الاطفال؛ بتعزيز تراكم العبء النفسي على نمو الطفل ، بحيث ينتج عن ذلك ردود فعل قاسية من قبل الطفل تجاه الذات والمحيط حيث يفقد الطفل القدرة على الاحتماء بذاته من جهة، وأحياناً كثيرة عدم القدرة على الشعور بالحصول على الثقة من المحيط، فيقوم بإظهار عصبية زائدة في البيت ونوبات من الغضب وأحيانا البكاء والأحلام المزعجة وفقدان الشهية والرغبة في الإنعزال وإظهار التعلق الشديد بالأم أو الأب اللذين يمثلان العنصر الأهم لتكوين الثقة لديه، والخوف الشديد من الخروج من دائرة الأسرة والبيت لكونهما يشكلان خط الأمان الوحيد والأول للطفل؛ وهو يحاول من خلالهما صد التراكمات النفسية غير الصحية الناجمة عن الأحداث العنيفة ، مما يعرضه إلى عشوائية في سلوكه وتصرفاته، بحيث تصبح غير مترابطة ولا تمكنه من إعادة التوازن الطبيعي إلى حياته وتصرفاته.
وبالترافق مع نتيجة المؤثرات الخارجية القاسية التي يواجهها الطفل فإن هذا الوضع يؤدي إلى إفراز الكثير من المعيقات في التعاطي مع جو المدرسة وعدم القدرة على الاندماج والتكيف معها خصوصاً في بداية المراحل الدراسية ، فالطفل في الوضع الطبيعي للنمو النفسي والاجتماعي لا ينضم إلى المدرسة بسهولة لانها تشكل تجربة حياتية جديدة بالنسبة له، فكيف إذا كان هناك نؤثرات إضافية تزيد من عدم تقبله للانتقال من البيت إلى المدرسة .
عززت الانتفاضة وما رافقها من أعمال عنف إزدياد الخوف لدى الطفل وعدم الشعور بالثقة من المدرسة كونها بعيدة عن البيت ومحيط الوالدين والأخوة، ما يحدث خارج البيت من أحداث عنف يشكل سبباً لخوف الطفل وعدم ثقته بالمحيط البعيد عن حماية الأهل لأنه يعتبره متغيرات مخيفة ومهددة لأمنه، بحيث نلاحظ أن هناك حالات كثيرة يرفض فيها الأطفال بشدة وبشكل دائم الذهاب إلى المدرسة،ونتيجة هذه الأوضاع المختلفة والتي تشكل ردود فعل طبيعية لأحداث غير طبيعية ، وغير منسجمة مع إقامة علاقة سوية مع الأهل والمدرسة كمحطتان أساسيتان في تشكيل نمو الطفل النفسي والاجتماعي، يتطلب الأمر خلق محاولات جادة من قبل الأهل مبنية على تفهم وإدراك هذه المتغيرات لانعكاسها على الطفل، فعليهم توفير الحماية والأمن للطفل ومساعدته على التخلص من معيقات النمو النفسي والاجتماعي، كما يقع على المدرسة واجب توفير سبل جديدة للوقاية من الآثار المستقبلية السلبية ، وإتاحة فرص كافية للأطفال لتفريغ انفعالاتهم والتعبير عن مشاعرهم ، وإعادة خلق علاقة وثيقة من قبل المدرسة تجاه الاطفال لتأمين الحماية والثقة والأمان لهم ، وهذا يتطلب أيضاً احاطة واسعة من قبل المؤسسات المجتمعية والاعلامية والمراكز الشعبية ، والقيام بأدوار مختلفة تساهم في الحد من امكانية تراكم الأزمات على الأطفال.
الدراسات العديدة حول موضوع العنف المدرسي تناولت تحليل جانب معين من موضوع العنف المدرسي سواء بين الطلاب أو بين الطلاب والمعلمين حيث تطرقت دراسة للدكتورة حصة صادق على مجموعة من طالبات من جامعة قطر على تحليل مواقف حقيقية للعقاب قد مرت بها بعض الطالبات أثناء دراستهن وذلك لتحليل أسباب العقاب وأساليبه ومعرفة التأثيرات الحقيقية للعقاب على الطالبات ، وقد خرجت الدراسة بنتائج من أهمها أن النسبة الأكبر لإستخدام العقاب هو في المرحلة الابتدائية بنسبة 50.34 % وتليها المرحلة الثانوية ثم الإعدادية.
وأظهرت الدراسة أيضاً أن أسباب استخدام العنف ترجع إلى الطالب نفسه ومحدودية قدراته وخوفة من المدرسة وقد تعود للمعلم وقلة كفاءته في عملية التدريس والتعامل مع الطلبة، ففي المرحلة الثانوية حيث أسباب العقاب تؤدي إلى انخفاض التحصيل الأكاديمي بنسبة 12.5 % وأن 10 % من المواقف التي يتم بسببها العقاب تكون بسبب الخطأ في الإجابة أو التأخر في الدخول للصف .
وحول مبررات الدراسة عملت إحدى الدراسات للاجابة على الأسباب التي تدفع الطالب إلى العنف وآليات التعبير عن العنف التي يستخدمها والتي أظهرت فروقاً فردية بين الطلاب والطالبات في ردود الفعل والوسائل الدفاعية حيث أظهرت أن العنف اكثر لدى الطلاب وردود فعلهم فيها أكثر خطورة حيث يعتبرون العنف الجسدي واللفظي وسيلة لحل الخلافات بينهم .
وهناك دراسات أخرى أظهرت رؤية الطلاب للمدرسة على أنه مكان غير آمن تكثر فيه أعمال العنف ولديهم مخاوف من التواجد فيها ، وأظهرت كذلك أشكال أخرى للعنف كالتهديد والسرقة.
وقد ربطت احدى الدراسات الفلسطينية حول الموضوع والتي اجراها الاستاذ رزق الصليبي، الممارسات التربوية للمعلمين والتوافق النفسي للطلبة لتحقيق هدف فهم دور المعلم في رعاية التوافق النفسي للطلبة ، وقد طبقت الدراسة على مدارس ثانوية خاصة وحكومية في منطقة بيت لحم وبيت ساحور وبيت جالا على عينة مقدارها 982 طالب وطالبة واظهرت أن متوسط معدلات تقدير الطلبة في المدارس المختلطة وغير المختلطة لممارسات المعلمين على مجال أساليب الإثابة والعقاب كانت بدرجة متوسطة في المدارس المختلطة وغير المختلطة حيث يستخدم المعلمون أساليب الصراخ على الطلبة في حالة الخروج عن النظام الصفي، واعتبر طلاب المدارس المشمولة بالبحث أّن معلميهم يتجنبون إصدار الأّحكام السريعة على سلوكهم.
وفي دراسة عالمية تبين أن هناك علاقة وطيدة بين العنف العائلي والعنف المدرسي وكانت هذه نتيجة دراسة على عائلات عنيفة وعائلات غير عنيفة والتي أظهرت أن 51 % من أطفال العائلات العنيفة تصرفوا بعنف ( ضرب ، تخريب ، ... الخ ) وفي المقابل 30 % تصرفوا بسلبية ( أي هادئين وغير اجتماعيين ) 19 % من الحالات تصرفوا بشكل مقبول وملائم للقيم ولم تظهر الدراسة أي طفل بسلوكيات كالمشاركة والمساعدة الاجتماعية.
وقد أرجعت بعض الدراسات الفلسطينية جذور العنف إلى عناصر في التنئشة، واعتبرت السلوك العنيف هو سلوك متعلم من البيئة الاجتماعية وارجعت أسباب الظاهرة إلى دور المؤسسة التعليمية والقائمين عليها.
وفي دراسة أخرى ظهر أن لوسائل الاعلام دور كبير في تعزيز العنف وتوجيه الأفراد إلى السلوك العنيف.
ووفق دراسة أجراها مركز غزة للصحة النفسية والذي يديره د. اياد السراج أظهرت أن نية كل طفل وصبي فلسطيني من كل أربعة أولاد ( 24.7 % هي الموت في سن الثامنة عشرة والدراسة التي شملت 944 طفلاً وصبياً من الفئة العمرية 10-19 سنة أظهرت أن 97.5 % منهم يعانون أعراض الصدمة النفسية الصعبة وأن ثمة أعراضاً خطيرة للصدمة في صفوف 32.7 % منهم.
شارك 94.6 % منهم في جنازات الشهداء فيما شاهد 83.2 % حوادث اطلاق النار والعدوان و 61.6% شاهدوا قريباً قُتل أو أصيب بجراح ، ونال الغاز المدمع 36.1% منهم )، ما يعني ان هناك ظاهرة مقلقة في غزة حيث أن الاستشهاد أمنية كل طفل من أربعة أطفال ، و13 % ممن هم دون الخامسة عشر يعانون التبول الليلي؛ كما تنتشر في صفوف الفتية ظاهرة عدم القدرة على الابتسام.
وفي دراسة محلية لاستاذ علم النفس في كلية التربية في غزة شكري صبري حول ( أثر العنف الأسرائيلي الموجه للطلاب والمعلمين على العملية التعليمية تلخصت الآثار النفسية على الأطفال في الخوف الضمني من التحرك خارج المنزل ومحدودية الحركة نتجية لتعليمات الأهل الكثيفة النابعة من الخوف على حياتهم بالأضافة إلى الرعب المتولد من القصف وإطلاق الرصاص.
وكان من نتائج الدراسة أن هناك زيادة في نسبة التبول اللاإرادي لدى الإناث نتيجة الاضطرابات الناجمة عن الشعور بالقهر والظلم ، إضافة إلى الإكتئاب الناجم عن مشاهدة التلفاز والصور الدامية في وسائل الإعلام .
ومن الأثار النفسية على المعلم كان زيادة الشعور بالتحدي وضرورة الاستمرار في العملية التعليمية لاهميتها واعتبارها مسألة إنسانية وفي نفس الوقت تزايد المخاوف على حياة الطلاب داخل وخارج المدرسة بالاضافة إلى القلق الناجم عن ممارسات العنف التي يقوم بها الأطفال في المدرسة .
ومن الاثار الاجتماعية التي أبرزتها الدراسة أيضاً تأثير مستوى التفاعل بين الطفل ورفاقه والعلاقة بين المعلم والطفل والأثر السلبي على طموحات الأطفال وعلاقاتهم الاجتماعية بالأضافة لذلك فقد تطرقت الدراسة إلى وضعية النظام التعليمي في القطاع واجراءات الاحتلال ورواسبه .
ومن التوصيات التي أعدتها بعض الدراسات في مجال العنف بين طلاب المدارس أورد ما يلي:
1. ضرورة توفير الأجواء المناسبة لممارسة العملية التعليمية بحل الإشكاليات المؤدية لها .
2. إعداد الطالب والمعلم وأولياء الأمور على تربية اللاعنف من خلال ترسيخ المفاهيم الصحيحة في التعامل مع الآخرين.
3. يقع الدور الأكبر على المؤسسات الرسمية في توفير الأجواء والظروف المناسبة والملائمة لممارسة العملية التربوية بشكل خاص، كما يقع عليها حل العديد من المشاكل التي يواجهها أطراف العملية التربية الأربعة ، المعلم ، المدرسة ، الطالب والأسرة.
4. الابتعاد عن ممارسة الفعل ورد الفعل في الاستجابة لأحداث عنيفية قد تقع هنا وهناك في حياتنا اليومية بل التعامل بهدوء من قبل المعلمين وأولياء الأمور في الإستجابة للمؤثرات الخارجية التي تزيد من حالة العنف وتؤدي إلى زيادة أستخدامه من قبل الطالب تجاه الآخرين.