شهد القرن التاسع عشر تطوراً كبيراً في التحليل الرياضي ، كما وضع الأساس المنطقي له أيضاً في هذا القرن ولقد كان مبعث تطوره مشكلات في الطبيعة الرياضية والفلك . ويتضح هذا من المشكلات التي قابلت هاملتون من عمله في الضوء والديناميكا ( 1827-1837) ، والمشكلات التي قابلت لاي ( 1837) عند تعامله مع المعادلات التفاضلية والديناميكية واكتشافه للمجموعات المستمرةالتي لها دور كبير في التوبولوجيا والتحليل الحديث ، والمشكلات التي قابلت ماكسويل (1873) في الديناميكا الكهربائية . كما أنه من نظرية الاحتمالات لكوموجوروف (1922) أصبح واضحاً أن مشكلات الميكانيكا الإحصائية مشكلات أساسية في نظرية القياس ومعها تطور الفرع التجريدي للرياضيات الذي قام به ليبيه (1902) من علم التكامل إلى أبعد مما عمله أرشميدس ، كوشي ، ريمان ، إلى عالم الفراغات المجردة . وقد أدى ذلك إلى توحيد الطرق التحليلية على أيدي مور(1906) فرشيه (1938) . ويمكننا أيضاً ملاحظة آثر المشكلات الألكتروستاتيكية ونظرية الوضع في النصف الثاني من القرن التاسع عشر في نمو نظرية المعادلات التفاضلية . أما بالنسبة للأساس المنطقي للتحليل الرياضي فقد قدم كوشي (1821) نظرية أكثر تجريداً للنهايات ووضع فيه تعاريف مقبولة للتقارب والأستمرار ، والدوال التفاضلية ، والتكامل المحدود وهذه التعاريف هي الموجودة في أي مدخل للتفاضل والتكامل في المناهج الحالية .إلا أن عمل كوشي كان محتاجاً إلى أساس أعمق وذلك لأن نقطة البداية عنده كانت فكرة حدسية عن نظام الأعداد الحقيقية ولذلك نشأت الحاجة إلى دراسة أكثر تجريداً للمفاهيم الأساسية للأعداد الحقيقية وقد قام بهذه الدراسات فيراستراس في نهاية القرن التاسع عشر . وحيث أن حساب التحليل الرياضي يمد جذوره في الأعداد الحقيقة فإن أفرعاً كثيرة في الرياضيات تعتمد جميعها على نظام الأعداد الحقيقية ، وكما يقول البعض " أكثرالرياضيات المعاصرة لها نفس نظام الأعداد الحقيقية كأساس لها" وقد تطورت أساسيات الأعداد الحقيقية على أيدي ديدكند ، كانتور ، فيرستراس في نهاية القرن التاسع عشر عندما قدمت تعاريف الأعداد غير القياسية التي دفعت كانتور إلى اكتشاف نظرية الفئات خاصة اللانهاية وأعداد ما وراء اللانهاية(1890 – 1897) ومنها نشأ التوبولوجي التحليلي. ومن الموضوعات الهامة الحديثة التي لها تطبيقات واسعة في التكنولوجيا والتجارة نجد التحليل التجميعي Combinatorial Analysis الذي يشمل التباديل ، نظرية الاحتملات ، وكذلك نظرية الألعاب التي نشأت من نظرية الاحتملات ، المجموعات . وقد ساهم كثير من الرياضيين في تطويرها ( مثل تشبشف ، ماركوف ) ، واصبحت ذات أهمية خاصة بعد استخدام الآلات الحاسبة . ولقد ظهرت أهميتها التطبيقية في حل مشكلات الطبيعة مثل المشكلات المتعلقة بالحركة البروتونية للجزيئيات والنظرية الحركية في الغازات . إلا أن الأساس كان محتاجاً إلى قاعدة أكثر صلابة وتجريداً وهذا ما قام به بوريل وليبيه . ولقد أدى هذا التطور إلى ظهور العمليات العشوائية Srochastic Processes التي لها تطبيقات في الطبيعة والفلك وعلم الوراثة والاقتصاد والعلوم الإنسانية.
ومن التطورات الحديثة ما يتعلق بالرياضيين الفلاسفة مثل هلبرت ، وهوايتهد ، راسل ، بروير الذين بدؤا أبحاثهم في وضع المنطق الرمزي كتركيب رياضي على طريق ما عمله في الأصل جورج بول في منتصف القرن التاسع عشر.