السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
البكاء على الميت .. رحمة أم عذاب
موقع القرضاوي/ 2-4-2007
تلقى فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين سؤالا مفاده : بنتي ماتت، وأنا أبكي كثيرًا عليها، ويقول لي بعض الناس: إن البكاء مخل بالدين فما قول الشرع في ذلك؟ .
وردا على ذلك، قال العلامة القرضاوي:
بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد ..
البكاء نوعان:
بكاء رحمة - من شدة العاطفة، ومن الحنان، وهذا لا يخلو منه أحد، إلا من قسا قلبه. النبي صلى الله عليه وسلم بكى حينما ماتت بنت بنته … فدهش بعض الصحابة فسألوه في ذلك: أتبكي يا رسول الله وقد نهيت عن البكاء؟ قال: هذه رحمة، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء… يعني قلبه ليس مقدودًا من صخر. لا، إنه قلب إنسان.. وقلب الإنسان يتأثر. فحينما يرى الإنسان طفلة أمامه تحتضر وتلفظ الأنفاس الأخيرة، ألا يبكي؟ بلى .. إنه يبكي ما دام ذا قلب وهذا لا حرج فيه.
وعندما مات ابنه إبراهيم قال عليه الصلاة والسلام: ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا). المهم أن الإنسان، لا يقول مع البكاء، إلا ما يرضي الله (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) (إن لله ما أخذ ولله ما أعطى)، (اللهم أجرني في مصيبتي وأخلفني خيرًا منها) مثل هذا الكلام الطيب الذي يصبح له ثقل في الميزان يوم القيامة. أما أن يلطم الخد، ويشق الجيب ويدعو بدعوى الجاهلية، أو يولول، أو يعول، فهذه الأشياء هي الممنوعة وهو المحظورة وهي التي برئ منها النبي صلى الله عليه وسلم. فمجرد البكاء، لا شيء فيه، لأن بعض الناس دمعتهم قريبة، يبكي لأدنى الأشياء، فلعل هذه الأخت السائلة عاطفية، حساسة، فتبكي كلما تذكرت، فلا حرج عليها. لكن ينبغي أن تقول كلما تذكرت (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) فعسى أن تكون هذه البنت في ميزانها يوم القيامة، وحجابًا لها من النار إن شاء الله. ولكن لتحذر أن تغلط بكلام يسيء الأدب في حق الله عز وجل، عليها أن ترضى بقضاء الله عز وجل، وإن ذرفت عينها الدمع في بعض الأحيان.
غفر الله للمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات