عبد الرحمن بن محمد بن خالد (732هـ ت 808
هـ،1332م-
1406م)
مؤرخ وعالم اجتماع ترك تراثا مازال تأثيره ممتدا حتى اليوم ولد في
تونس عام
1332م/ 732هـ بالدار الكائنة بنهج تربة الباي عدد 34 وعاش في أقطار
تونس والجزائر والمغرب الأقصى. وكانت أسرة ابن خلدون على ما ذكر في كتاباته أسرة ذات نفوذ في
إشبيلية في
الأندلس، ثم نزحت منها إلى تونس أو أفريقية الأسم القديم لتونس التي أعطت إسمها للقارة الأفريقية وكان قدوم عائلته إلى
تونس في دولة الحفصيين، وقضى أغلب مراحل حياته في تونس وكتب الجزء الأول من المقدمة بقلعة بني سلامة بالجزائر وفي آخر حياته تولى القضاء المالكي
بمصر بوصفه فقيها متميزا خاصة انه سليل المدرسة الزيتونية العريقة. توفي في
القاهرة سنة
1406 م (808 ﮪ). ومن بين أساتذته الفقيه الزيتوني الإمام ابن عرفة حيث درس بجامع الزيتونة المعمور ومنارة العلوم بالعالم الإسلامي آنذاك.
ويعد من كبار العلماء الذين أنجتبهم
شمال افريقيا، إذ قدم نظريات كثيرة جديدة في علمي الإجتماع والتأريخ ، بشكل خاص في كتابيه: العبر والمقدمة. وقد عمل في التدريس في الزيتونة بتونس ثم في بلاد
المغرب،
بجامعة القرويين ثم في
الجامع الازهر في
القاهرة، وغيرها من محافل المعرفة التي كثرت في أرجاء العالم الاسلامي المختلفة خلال القرن الرابع عشر نظراً لحض الدين الإسلامي الحنيف للناس على طلب العلم. وقد عمل ابن خلدون في مجال القضاء أكثر من مرة، وحاول تحقيق العدالة الاجتماعية في الأحكام التي أصدرها.
//
فلسفة ابن خلدونامتاز ابن خلدون بسعة إطلاعه على ما كتبه القدامى على أحوال البشر وقدرته على إستعراض الآراء ونقدها، ودقة الملاحظة مع حرية في التفكير وإنصاف أصحاب الآراء المخالفة لرأيه. وقد كان لخبرته في الحياة السياسية والإدارية وفي القضاء، ليإلى جانب أسفاره الكثيرة في شمالي إفريقية وغربيها إلى
مصر والحجاز والشام، أثر بالغ في موضوعية وعلمية كتاباته عن
التاريخ وملاحظاته.
ويرى ابن خلدون في المقدمة أن الفلسفة من العلوم التي أستحدثت مع إنتشار العمران، وأنها كثيرة في المدن ويعرِّفها قائلاً: ¸بأن قومًا من عقلاء النوع الإنساني زعموا أن الوجود كله، الحسي منه وما وراء الحسي، تُدرك أدواته وأحواله، بأسبابها وعللها، بالأنظار الفكرية والأقيسة العقلية وأن تصحيح العقائد الإيمانية من قِبَل النظر لا من جهة السمع فإنها بعض من مدارك العقل، وهؤلاء يسمون فلاسفة جمع فيلسوف، وهو باللسان اليوناني محب الحكمة. فبحثوا عن ذلك وشمروا له وحوَّموا على إصابة الغرض منه ووضعوا قانونًا يهتدي به العقل في نظره إلى التمييز بين الحق والباطل وسموه بالمنطق. ويحذّر ابن خلدون الناظرين في هذا العلم من دراسته قبل الإطلاع على العلوم الشرعية من التفسير
والفقه، فيقول: ¸وليكن نظر من ينظر فيها بعد الامتلاء من الشرعيات والإطلاع على التفسير
والفقه ولا يُكبَّنَّ أحدٌ عليها وهو خِلْو من علوم الملة فقلَّ أن يَسلَمَ لذلك من معاطبها·.
ولعل ابن خلدون وابن رشد إتفقا على أن البحث في هذا العلم يستوجب الإلمام بعلوم الشرع حتى لا يضل العقل ويتوه في مجاهل الفكر المجرد لأن الشرع يرد العقل إلى البسيط لا إلى المعقد وإلى التجريب لا إلى التجريد. ومن هنا كانت نصيحة هؤلاء العلماء إلى دارسي الفلسفة أن يعرفوا الشرع والنقل قبل أن يُمعنوا في التجريد العقلي.
الغرب وابن خلدونكثير من الكتاب الغربيين وصفو تقديم ابن خلدون للتاريخ بإنه أول تقديم لا ديني للتأريخ ، وهو له تقدير كبير عندهم.
وربما تكون ترجمة حياة ابن خلدون من أكثر ترجمات شخصيات التاريخ الإسلامي توثيقا بسبب المؤلف الذي وضعه ابن خلدون ليؤرخ لحياته و تجاربه و دعاه التعريف بابن خلدون ورحلته شرقا و غربا ، تحدث ابن خلدون في هذا الكتاب عن الكثير من تفاصيل حياته المهنية في مجال السياسة والتأليف والرحلات، ولكنه لم يضمنها كثيرا تفاصيل حياته الشخصية والعائلية.
كان
المغرب أيام ابن خلدون بعد سقوط دولة الموحدين الامازيغية تحكمه ثلاثة أسر : المغرب كان تحت سيطرة المرينيين
الامازيغ أيضا (
1196 -
1464 )، غرب
الجزائر كان تحت سيطرة آل عبد الودود (
1236 -
1556 )،
تونس و شرقي الجزائر و برقة تحت سيطرة
الحفصيين (
1228 -
1574 ). التصارع بين هذه الدول الثلاث كان على أشده للسيطرة ما أمكن على أراضي الشمال الإفريقي .وكان المشرق انذاك يهدده خطر أكبر هو خطر المغول.
وظائف تولاهاكان ابن خلدون دبلوماسياً حكيماً ايضاً . وقد أُرسل في أكثر من وظيفة دبلوماسية لحل النزاعات بين زعماء الدول : مثلاً ، عينه السلطان محمد بن الاحمر سفيراً له إلى أمير قشتالة للتوصل لعقد صلح بينهما . وبعد ذلك بأعوام أستعان به أهل
دمشق لطلب الامان من الحاكم المغولي القاسي
تيمورلنك ، وتم اللقاء بينهما . وصف ابن خلدون اللقاء في مذكراته. اذ يصف ما رآه من طباع الطاغية ، ووحشيته في التعامل مع المدن التي يفتحها ، ويقدم تقييماً متميزاً لكل ما شاهد في رسالة خطهالملك
المغرب. الخصال الاسلامية لشخصية ابن خلدون ، اسلوبه الحكيم في التعامل مع تيمور لنك مثلاً، وذكائه وكرمه ، وغيرها من الصفات التي ادت في نهاية المطاف لنجاته من هذه المحنة، تجعل من التعريف عملاً متميزاً عن غيره من نصوص ادب المذكرات العربية والعالمية. فنحن نرى هنا الملامح الاسلامية لعالم كبير واجه المحن بصبر وشجاعة وذكاء ولباقة. ويعتبر ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع.
وفاتهوتوفي في
مصر عام
1406 م، و دفن في مقابر الصوفية عند
باب النصر شمال
القاهرة. وقبره غير معروف. والدار التي ولد بها كائنة بنهج تربة الباي عدد 34
بتونس العاصمة بالمدينة العتيقة.
وله قصيدة في الحنين لموطنه تونس
أحن إلى ألفي وقد حال دونهم | | مهامه فيح دونهن سباسب |
من مؤلفاته