الأرقام
العرب واللوغاريتمات
وتعريف اللوغاريتمات كالتالي: "اللوغاريتمات في الأصل حد في متوالية حسابية تبدأ بالصفر يقابل الحد المطلوب في متوالية هندسية يبدأ بالواحد. وفي الاصطلاح: هو الأس الدال على المقدار الذي يجب أن نرفع إليه عدداً معيناً أكثر من الواحد، نسميه الأساس حتى نحصل على العدد المطلوب".
وكان اكتشاف علم اللوغاريتمات ذا أثر كبير في تقدم الرياضيات بوجه عام، حيث أن علم اللوغاريتمات هو الوسيلة الوحيدة لتبسيط العمليات الحسابية التي ترد في مسائل العلوم التطبيقية، مثل: الفيزياء، والهندسة والإحصاء، والحساب التجاري، وغيرها. وتعريف اللوغاريتمات المتداول في معظم كتب الرياضيات التقليدية والحديثة هو: لوغاريتم العدد (ع) هو أس القوة التي يُرفع إليها عدد ما، وليكن (ن) ويسمى العدد (ن) الأساس، لينتج العدد (ع)، كما يتضح ذلك في العلاقة "ع= نم ". وقد اتفق على استعمال (لو) اختصاراً لكلمة لوغاريتم، وتسمية (م) بلوغاريتم العدد (ع) للأساس (ن). لذا يُكتب قانون اللوغاريتمات بالصيغة الآتية: لوع= م .
إن المبدأ الذي تعتمده اللوغاريتمات بسيط جداً، بالرغم من أن الجداول التي تستعملها، قد تبدو معقدة للوهلة الأولى، وفيما يلي النظام الأساسي، الذي تعمل اللوغاريتمات وفقاً له:
1
2
4
8
16
32
64
128
256
512
1024
2048
4096
8192
0
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
فإذا ضربنا أي عددين من أعداد السطر الأول، فسنجد أن حاصل الضرب هو أيضاً أحد أعداد السطر ذاته.
فنأخذ مثلاً حاصل ضرب 16×64= 1024، وإذا نظرنا إلى أعداد السطر الأسفل المدرجة تحت الأعداد التي استعملناها في المثل، الذي أوردناه، فنرى أنها 4، 6، 10، ونلاحظ أن 4+6= 10 فنستنتج من ذلك، أننا إذا أردنا أن نضرب 32×128، فيمكننا أن نستخرج العددين المدرجين في السطر الأسفل قبالة 32 و 128 فنحصل على 5 و 7 فنجمعهما معاً فيكون حاصل الجمع 12، ثم ننظر في السطر الأعلى إلى العدد المقابل للرقم 12 فنجد أنه 4096.
ومن ذلك نرى أن الضرب يمكن إتمامه عن طريق الجمع، وهذا ما يوفر كثيراً من الوقت. كذلك يمكن إجراء القسمة بهذه الطريقة: فلقسمة 512 على 16 نطرح 9-4، تكون نتيجة الطرح 5: ننظر فوقها نجد حاصل القسمة وهو 32.
أما عن كيفية كتابة الجدول السابق، فكالتالي:
أعداد السطر الأعلى هي على التوالي:
2 0 2 1 2 2 2 3 2 4 2 5 2 6 2 7 2 8 2 9 2 10 ...
وأعداد السطر الأسفل هي على التوالي:
القوى الموجودة فوق الرقم 2
فالعدد 16 مثلاً يُكتب 2 4= 2×2×2×2= 16
وهنا نرى أن أرقام السطر الأسفل من الجدول هي عدد الإثنينات التي يجب ضربها بعضها في بعض، للحصول على العدد المدرج فوقها. فالرقم 6 من السطر الأسفل يعني ضرب الرقم اثنين 6 مرات بذاته، فيكون حاصل الضرب 64، أي الرقم المدرج فوقه في السطر الأعلى. فتكون التسمية الرياضية للرقم (2) "الأساس" الرقم الأسفل هو لوغاريتم الرقم الأعلى للأساس (2).
مثلاً: لوغاريتم 64= لو2 2 6 = 6
ولوغاريتم 2048= لو2 2 11 = 11
وهكذا، وفي الحسابات العادية يستعمل العدد 10 كأساس اللوغاريتمات بدلاً من العدد 2، ولكن مبدأ العملية لا يتغير:
1
10
100
1000
10000
صفر
1
2
3
4
وهذا الجدول يُقرأ هكذا:
لوغاريتم 1 = صفر
لوغاريتم 10 = 1
لوغاريتم 10 2 = 2
لوغاريتم 10 6 = 6 .
ولكل هذه الأعداد (من 1 إلى 10 إلى 100 وهكذا) لوغاريتماتها، التي سبق إعدادها لعدة أجزاء عشرية، وهي مطبوعة في جداول لوغاريتمية، يمكن الرجوع إليها بسهولة، وهي توفر ساعات طويلة من الحسابات المعقدة. وقد دخلت هذه الجداول اللوغاريتمية ضمن البرامج التي استعملتها الأجهزة الحاسبة، والإلكترونية الدقيقة فائقة السرعة .
وكان سنان بن الفتح الحراني، عالم الحساب، الذي ظهر في أوائل القرن الثالث الهجري، والذي وضع كتاباً سماه "كتاب الجمع والتفريق"، وفيه شرح كيفية إجراء عمليات الضرب والقسمة؛ باستخدام عمليات الجمع والطرح، هو أول من مهَّد لعلم اللوغاريتمات. ثم كان ابن يونس الصدفي المصري، هو الذي وضع القانون المعروف:
جتا أ جتا ب= 1/2 {جتا (أ + ب) + جتا (أ - ب)}
وقدم بهذا القانون خدمة عظيمة لعلماء الفلك قبل جداول اللوغاريتمات، بل كان بمثابة اللبنة الأولى لاكتشاف علم اللوغاريتمات . ونورد مثالاً رقمياً على هذا القانون،
ولتكن الزاوية أ = 60ْ، والزاوية ب = 45ْ،
(أ+ب) = (60+45) = 105ْ، (أ-ب) = (60-45) = 15
بتطبيق القانون نجد أن:
جتا 60 جتا 45 = 1/2 {جتا 105 + جتا 15}
= 1/2 { -0.2588 + 0.9659}
= 0.3535
ثم كان ابن حمزة المغربي، والذي يعد من كبار علماء القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي)، هو الذي أعطى العلاقة بين المتواليتين الحسابية والهندسية، وهذه الدراسة تعد، بلا شك، خطوة واسعة، بل حجر الأساس لعلم اللوغاريتمات، مما مهَّد الطريق أمام العالمين الإنجليزيين بنابيير، وهنري برجز عام 1594م، إلى اكتشاف اللوغاريتمات، حيث أن الفكرة الأساسية في اللوغاريتمات هي العلاقة بين سلسلتين، الأولى هندسية، والثانية عددية.
وهكذا كان للعرب دور بارز، وإسهام ملحوظ في العلوم المرتبطة بالأعداد، وتطورها، وكان الدين هو القوة الدافعة وراء ذلك. ويجدر بالبحث هنا أن يعرض للأعداد في كتاب الله.
الأعداد في القرآن الكريم:
تنوعت الآيات القرآنية التي تناولت الأعداد والحساب والجمع والطرح والضرب والقسمة، فقد قال الله عز وجل:وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا، وقال:إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ إِلاَّ ءاتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّاوقال عن الحساب:وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ءايَتَيْنِ فَمَحَوْنَا ءايَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا ءايَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ.
وقال ذاكراً العدد الواحد:وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ.
وذكر العدد اثنين:وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ.
وذكر العد ثلاثة:قَالَ ءايَتُكَ أَلاّض تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا.
وذكر العدد أربعة:فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.
وذكر العدد خمسة:وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ.
وذكر العدد ستة:إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ.
وذكر العدد سبعة:إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَاف.
وذكر العدد ثمانية:سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا.
وذكر العدد تسعة:وَلَقَدْ ءاتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ ءايَاتٍ بَيِّنَاتٍ.
وذكر العدد عشرة:فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ.
ويوجد في القرآن آيات عديدة ذكرت أعداداً متفرقة، مثل العدد اثنتا عشرة:فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا، والعدد تسعة عشر:عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَر، ومنها العدد تسع وتسعون:إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ، والعدد مائة:قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ، والعدد ألف:وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينوالعدد خمسين ألف:تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَة، والعدد مائة ألف:وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُون.
وورد في القرآن التسلسل العددي:مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا.
وكذلك في:سَيَقُولُونَ ثَلاَثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ.
ونبَّه القرآن على مسألة العد والحساب، بل إن الله ـ عز وجل ـ سوف يسأل أهل الكفر يوم القيامة عن عدد السنين التي عاشوها في الدنيا:قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّين. وقد ذكر القرآن عملية الجمع بقوله:وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ، وبقوله:ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ ءالذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الاُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (143) وَمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْن.
كما ذكر عملية الطرح بقوله:وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَامًا.
وأشار إلى عملية الضرب بقوله:وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَفْقَهُونَ (65) الآْنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَوأشار إلى القسمةوَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ وقوله:فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ وأشار إلى الكسورفَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُوقوله:وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْن.
وهذا يدل على أن الأعداد وعمليات الجمع والضرب والطرح والقسمة، والكسور، وباقي العمليات الحسابية كانت أمراً مألوفاً عند العرب.